روائع مختارة | روضة الدعاة | تاريخ وحضارة | المصطلحات العسكرية.. في الحضارة الإسلامية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > تاريخ وحضارة > المصطلحات العسكرية.. في الحضارة الإسلامية


  المصطلحات العسكرية.. في الحضارة الإسلامية
     عدد مرات المشاهدة: 4346        عدد مرات الإرسال: 0

أنتجت الحضارة الإسلامية نظرية عسكرية متفردة الجوانب منذ اليوم الذي فرض الله سبحانه فيه الجهاد والقتال.

وكان نزول قوله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ} [الحج: 39] مفتتحًا واضحًا بعد زمان طويل من الدعوة التي ترفع شعار {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [النساء: 77].

وهي حقبة امتدت لتغطي مساحة البعثة المكية كاملة, وامتدت ظلالها مدة سنتين بعد الهجرة النبوية المشرفة تقريبًا, يقول القرطبي في الجامع (12/68):

"لما هاجر نزلت {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا}، وهي أول آية نزلت في القتال" افتتح بها عهد الإعداد له.
 
منذ هذا التاريخ البعيد تشكلت أبعاد النظرية العسكرية الإسلامية بنطاقاتها المختلفة من أصول حاكمة وأخلاق مقيدة, ومعرفة منظمة, وواكب هذا التطور والتشكل جهاز اصطلاحي كاشف عن هذه الحدود والأبعاد.

وهو الأمر الذي يظهر أن تاريخ ظهور مصطلحات العسكرية الإسلامية يبدأ من الإذن بالقتال, وإن كان ثمة ألفاظ عسكرية موروثة من الحقبة الجاهلية, ولكن وهبها من روحه الإسلامية, وصبغها بصبغته ومبادئه.
 
مصادر مصطلحات العسكرية في الحضارة الإسلامية

أولًا: المصادر التاريخية:

العناية بمصطلحات العسكرية العربية, جمعًا وشرحًا وتصنيفًا, لا يمكنها أن تتغافل عن مصنفات التاريخ العربي بحال من الأحوال, ويمكن تمييز عدد من أنواع المصنفات التاريخية المعتبرة وأهميتها في هذا السياق كما يلي:
 
1- المصنفات التاريخية المعنية في المقام الأول بالتأريخ لأيام العرب وحروبهم معًا قديمًا وحديثًا, ولا سيما مصنفات التاريخ العام, كتاريخ الطبري, والكامل لابن الأثير, والبداية والنهاية لابن كثير.
 
2- مصنفات السيرة النبوية بوجه عام من لدن ابن هشام وإلى الصالحي الشامي صاحب سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد, مع عدم إهمال المؤلفات المعاصرة في هذا الميدان.
 
3- مصنفات الغزوات تعيينًا, من مثل المغازي للواقدي, والغزوات لابن حبيش, والاكتفاء في مغازي الرسول والثلاثة الخلفاء للكلاعي.
 
4- مصنفات الفتوح الإسلامية, من مثل فتوح البلدان للبلاذري, والفتوح لابن أعثم الكوفي وغيرهما.
 
5- مصنفات الحكومة الإسلامية أو إدارة الدولة عند المسلمين, من مثل تخريج الدلالات السمعية للخزاعي, وشرحه وتطويره المسمى بالتراتيب الإدارية للكتاني.
 
6- المصنفات الموسوعية العربية, كنهاية الأرب للنويري, وصبح الأعشى للقلقشندي.
 
7- مصنفات التراجم الشخصية المعنية بالشخصيات العسكرية تعيينًا, على ما نرى في سيرة صلاح الدين لابن شداد, والاعتبار لأسامة بن منقذ.
 
ثانيًا: المصادر الشرعية:

القرآن الكريم مليء بعدد ضخم من الألفاظ المتعلقة بالجهاد والقتال والتعبئة, والتخطيط, ومواجهة العدو, والجغرافية العسكرية, مما هو ظاهر في عمل المرحوم محمود شيت خطاب, مما سنقف عليه بعد قليل.
 
ولا تقل مصنفات السنة الشريفة أهمية في هذا الميدان, ذلك أن عددًا من أبواب كتب السنة تشتمل على ألفاظ عسكرية كثيرة, ولا سيما في أبواب الجهاد والفتن.
 
ثالثًا: المصنفات الفنية:

1- مصنفات القنص والصيد, وهي مفيدة جدًّا في استخراج عدد من المصطلحات العسكرية العربية المتعلقة بالتدريب والخطط على وجه التعيين, إضافةً إلى ألفاظ الأدوات وألفاظ الطرق التي كانت مستعملة في الصيد والقنص... إلى غير ذلك.
 
ومن أشهر مصنفات الصيد والقنص عند العرب: المصائد والمطارد لكشاجم, وانتهاز الفرص في الصيد والقنص للناشري.
 
2- مصنفات الأسلحة عند العرب, وهي مفيدة جدًّا في استخراج المصطلحات العسكرية الخاصة بالأسلحة والذخيرة, ومفيدة في بيان ما كان مستعارًا من غير العرب.

ومن أشهر هذا النوع من المصنفات العسكرية الخاصة بصناعة الأسلحة عند المسلمين كتاب الأنيق في المنجنيق لابن أرنبغا الزردكاش.
 
3-مصنفات المناصب الحربية, وهي مهمة في الكشف عن جوانب الفكر العسكري الإسلامي وما قدمه من أفكار حول الخطط العسكرية والآلات, ومن الكتب المهمة في هذا المجال كتاب الفروسية والمناصب الحربية لنجم الدين الرماح المعروف بالأحدب.
 
رابعًا: المعاجم اللغوية العربية:

ضرورة العناية الفائقة بفرع من المعاجم العربية الخاصة بالموضوعات العسكرية.

مما يسمى في تاريخ المعجمية العربية بالرسائل اللغوية الصغيرة, أو المعاجم الموضوعية ذات الموضوع الواحد.

مثل كتاب السلاح لأبي عبيد, وأسماء السيف لابن خالويه, والرسائل الخاصة بالنبل والسهام والرماح.
 
خامسًا: مؤلفات رواد النهضة الإسلامية المعاصرة:

كان من المجالات التي لمسها هؤلاء الرواد ضرورة التنبيه إلى خطر إزاحة عدد من المصطلحات المتعلقة بالهوية الإسلامية.

ومنها عدد من المصطلحات العسكرية المنبثقة من الحضارة العربية والإسلامية؛ فظهر التحذير من إماتة ألفاظ من مثل:

الجهاد لمصلحة الدفاع, والمجاهد لمصلحة الجندي أو العسكر, والمرشد لمصلحة ألفاظ أجنبية أو معربة للفظ مكافئ دال على رتبة عسكرية بعينها.
 
ومن المهم جدًّا عدم إهمال أمثال كتابات محمد عبده ورشيد رضا وحسن البنا والعقاد ومالك بن نبي وعلال الفاسي, والبشير الإبراهيمي, والكواكبي وغيرهم حول شروط النهضة والتغيير والإصلاح.
 
وظائف المصطلحات العسكرية

1- الوظيفة الدينية والإيمانية:

بمعنى أن النظر إلى حقل المصطلح العسكري في لغة العرب يصور ما صبغه الإسلام لهذا الجهاز الاصطلاحي؛ ذلك أن عددًا من الألفاظ العسكرية أصابها قدر ضخم من التطور أو التغير على مستوى الدلالة والمعنى.

بحيث يمكن قياس فارقٍ ما بين دلالات المصطلح العسكري الإسلامي ودلالات المصطلح العسكري العربي قبل الإسلام؛ وقراءة ألفاظ من مثل:

المُثلة قائد إلى تصور منظومة الأخلاق التي أحاطت بعددٍ كبير من ألفاظ هذا الميدان المعرفي.
 
2- الوظيفة الحضارية والمعرفية:

يؤدي معجم المصطلحات العسكرية دورًا حضاريًّا بما يعكسه من علامات تصب في هذا الباب المهم؛ ذلك أن الألفاظ العسكرية في العربية تعكس ما طوره المجاهد المسلم في مجالات العمل العسكري المختلفة، بدءًا من الإعداد والتعبئة وانتهاء بالنصر أو بتوقف القتال.
 
3- الوظيفة اللغوية:

وهي من الوظائف المهمة جدًّا في السياق المعاصر, لا سيما في مواجهة عدد من الأصوات المنتمية معرفيا لحقول العلم التطبيقية والتجريبية والتقنية.

والتي لا ترى في الأفق قدرة للعربية على استيعاب المنجز المعرفي الغربي في هذه الميادين والتفاعل معها والتعبير عنها؛ ذلك أن تأمل ما وضعه اللسان العربي من تسميات ومصطلحات لعدد ضخم جدًّا لتصورات ومفاهيم منضوية تحت العلوم العسكرية.

وما استطاعت أن تستوعبه هذه المفاهيم وتعربه مما نقل من تسميات ومصطلحات عسكرية من الأمم الأخرى لهو أمرٌ يدعو إلى الإعجاب بهذه اللغة.
 
4- الوظيفة المعجمية التاريخية:

ثمة تأريخ لعدد كبير من الابتكارات في الميدان العسكري, في معاناة العرب المسلمين في جهادهم الطويل دفعًا أو طلبًا, وهو ما واكبه استحداث ألفاظ دالة معبرة عن هذه المبتكرات؛ مما يسهم في خدمة المعجمية التاريخية العربية في الحقل المتخصص.
 
في المعجمية المعاصرة

مع الإقرار بالآثار السلبية لتغييب عدد كبير جدًّا من المصطلحات العسكرية العربية -لأسباب كثيرة- عن الاستعمال العسكري المعاصر, لعل أهمها روح التبعية التي خلفها الاحتلال الغربي في البلدان العربية المختلفة.

فإن ثمة بعضًا من ملامح العناية بالمصطلحات العسكرية في الحضارة الإسلامية في المعجمية المختصة المعاصرة, نقف عند تجربتين تعكسان وعيًا بقيمة هذا التراث الممتد لألفاظ العسكرية العربية الإسلامية, وهما:
 
1- معجم المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم لمحمود شيت خطاب.

يرحمه الله, والذي صدر عام 1386هـ/ 1966م في مجلدين, الأول يبدأ بالهمزة وينتهي بالطاء, والثاني يبدأ بالعين وينتهي بالياء, فيما يقرب من مائة وألف صفحة.
 
2- معجم السفن الإسلامية لدرويش النخيلي, الذي صدر بجامعة الإسكندرية سنة 1974م. وقد اعتنى فيه ببيان أنواع السفن الحربية.

وهو ما يدخل في الميدان الذي نعرض لأشكال العناية به في اللسان العربي, وقد رتبها جميعًا على حروف المعجم.

وفق الترتيب الهجائي الشائع طلبًا للتيسير. وقد كان صانع هذا المعجم حريصًا على بيان السفن الحربية, بالنص تعيينًا لمستوى استعمالها.
 
الكاتب: د. خالد فهمي

المصدر: مجلة الوعي الإسلامي